رَكَّزَتْ النظرية الاقتصادية الكلاسيكية منذ ظهورها في القرن الثامن عشر الميلادي على رأس المال والعمل كعاملين رئيسيين يحددان مستوى الناتج الاقتصادي. في حين أعطت الكلاسيكية الجديدة أهمية أكبر للتقدم التكنولوجي والمعرفي كإحد العوامل التي تدعم النمو الاقتصادي إلى جانب عوامل الإنتاج التقليدية (رأس المال والعمل).
ولعلَّ تعاظم دور المعرفة والابتكار في العقود الأخيرة في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز تنافسية الدول. أعطى أهمية أكبر لتكثيف الإستثمار في المعرفة عالية الجودة، أو بناء ما أصبح يعرف بـ“اقتصاد المعرفة“ كسبيل أمثل لزيادة التنافسية واستدامة النمو في عالمٍ موسوم بدرجة عالية من العولمة واندماج الأسواق.
فماهو اقتصاد المعرفة؟ ماهي أهم الفروق بينه وبين الاقتصاد التقليدي؟
في الحديث عن اقتصاد المعرفة يتبارد للذهن أنَّ اقتصاد المعرفة هو الإقتصاد المبني على المعرفة، وهذه الفكرة شائعة عند البعض، إلا أنَّ هناك فروقات أساسية ما بين اقتصاد المعرفة، والاقتصاد المبني على المعرفة.
- فاقتصاد المعرفة: هو الإقتصاد الذي يقوم علي المعلومات من الألف إلى الياء،أي أنَّ المعلومات هي العنصر الوحيد في العملية الإنتاجية، والمعلومات هي المنتج الوحيد في هذا الاقتصاد، والمعلومات وتكنولوجياتها هي التي تشكل أو تحدد أساليب الإنتاج وفرص التسويق ومجالاته.
- في حين الاقتصاد المبني على المعرفة: ينبع من إدراك مكانة المعرفة والتكنولوجيا والعمل على تطبيقها في الأنشطة الإنتاجية، فهو يعتبر مرحلة متقدمة من الاقتصاد المعرفـي، أي أنَّه يعتمد على تطبيق الاقتصاد المعرفـي في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في مجتمع يمكن أن نطلق عليه المجتمع المعلوماتي.
ويُعرِّف دومينيك فوراي - Dominique Foray اقتصاد المعرفة بأنَّه: ”تخصص فرعي من علم الاقتصاد يهتم أساسا بالمعرفة من جهة ومن جهة أخرى يعاير ظاهرة اقتصادية حديثة تتميز بتغير سير الاقتصاديات من حيث النمو وتنظيم النشاطات الاقتصادية“.
كما يعرف عبد الرحمن الحاج اقتصاد المعرفة بأنَّه ”الاقتصاد الذي تحقق فيه المعرفة الجزء الأعظم من القيمة المضافة، وهذا يعني أنَّ المعرفة في هذا الاقتصاد، تشكل مكوناً أساسياً في العملية الإنتاجية كما في التسويق، وأنَّ النمو يزداد بزيادة هذا المكون القائم على تكنولوجيا المعلومات والاتصال، باعتبارها المنصة الأساسية التي منها يطلق“.
فيما يُعرفه آخرون بأنَّه ”الاقتصاد الذي ينشئ الثروة من خلال عمليات المعرفة وخدماتها كالإنشاء، والتحسين، والتقاسم، والتعّلم، والتطبيق والاستخدام للمعرفة بأشكالها في القطاعات المختلفة بالاعتماد على الأصول البشرية واللاملموسة ووفق خصائص وقواعد جديدة“
يتميز اقتصاد المعرفة بخصائص عدَّة تجعل منه نمطاً اقتصادياً جديداً يعمل على تغيير الاقتصاد التقليدي وأسسه، ومن أهمها:
يتطلب بناء اقتصاد معرفي حديث ، عدد من المتطلبات والإجراءات والإصلاحات التي لا بد منها ، ومن هذه المتطلبات:
بدأت اليابان في عام 1971 بوضع خطة بتصور المجتمع الياباني بحلول عام 2000، قام بها معهد تطوير استخدامات الحاسبات في اليابان، وذلك بتكليف من وزارة الصناعة والتجارة الدولية، جاءت بعنوان ”خطة لمجتمع معلوماتي – عدف وطني لعام 2000“ وقد حددت هذه الخطة أنه بحلول عام 2000 يجب أن يعتمد الاقتصاد الياباني على المنتجات المعلوماتية وليس على الصناعات التقليدية. وفي تايوان وضعت خطة وطنية للمعلوماتية بعنوان ”الخطة العشرية لصناعة المعلومات في تايوان“، وذلك في عام 1980، ركزت على دور الدولة في التخطيط لمستقبل المعلوماتية في المجتمع.
و لعل بدايات إقامة مناطق متخصصة في التركيز على التطبيقات العلمية والمعرفية كانت في الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال تجربة إقامة حاضنات الأعمال عام 1959، أما بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي فكانت فرنسا هي السباقة فقد انشئت فيها قرابة 200 حاضنة أعمال مع نهاية القرن الماضي بالاضافة إلى تجارب العديد من الدول النامية والمتقدمة .
أما بالنسبة للدول العربية فتعد مصر والسعودية من أوائل الدول العربية التي حاولت وضع خطط وطنية متكاملة تهدف إلى امتلاك العلم والمعرفة، فبدأت الدول العربية بإعداد الخطط الجدية للتوجه نحو اقتصاد المعرفة منذ سنوات مع انتشار استخدام المنتجات المعرفية فيها انتشاراً واسعاً بلغت نسبة الباحثين العاملين في مجال البحث والتطوير لكل مليون نسمة في بعض الدول العربية مستوى أعلى من نسبة العاملين في بعض الدول النامية الصاعدة مع أن بعض الدول العربية قد حققت مستويات تنمية بشرية أعلى من بعض الدول النامية الصاعدة إلا أنَّه لا يمكن عد النشاط الاقتصادي فيها يعتمد على المعرفة.
ومن أهم المؤشرات التي تدل على توجه البلد نحو اقتصاد المعرفة، حجم الإنفاق على البحث والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي الذي يمثل مجموع النفقات الجارية والرأسمالية (في القطاعين العام والخاص على الأعمال الإبداعية التي تجري بطريقة منهجية بغرض الارتقاء بالمعارف، بما في ذلك المعارف الإنسانية والثقافية والمجتمعية، واستخدام المعرفة في تطبيقات جديدة.
يعد ”اقتصاد المعرفة“ قسماً جديداً من فروع العلوم الاقتصادية، ظهر في الآونة الأخيرة، ويقوم على فهم جديد أكثر عمقاً لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور الاقتصاد وتقدم المجتمع. وهو قد يُخْتَزل في العبارة التالية: ”نشر وتكوين وتبادل المعرفة كنشاط اقتصادي المعرفة كسلعة“. فالمعرفة على مرّ العصور، وعلى مدار التاريخ، كانت دائماً مصدر بناء الحضارات الإنسانية في كل زمان ومكان.
محمد خضري،متطلبات التحوُّل نحو الاقتصاد المعرفي، بحث مُقَدم للمؤتمر العلمي الرابع، "إدارة المعرفة في العالم العربي"، جامعة الزيتونة الاردنية.
نجم عبود نجم ، إدارة المعرفة– المفاهيم والاستراتيجيات -، الوراق للنشر والتوزيع ،عمان ،الأردن، الطبعة الثانية، 2008 .
بوطالب قويدر، بوطيبة فيصل، الاندماج في اقتصاد المعرفة الفرص و التحديات، مداخلة مقدمة ضمن الملتقى الدولي حول التنمية البشرية و فرص الاندماج في اقتصاد المعرفة و الكفاءات البشرية،جامعة ورقلة،10 مارس 2004
عبد الرحمن الهاشمي و فائزة محمد العزاوي،المنهج والاقتصاد المعرفي.
علي نورالدين إسماعيل، اقتصاد المعرفة من منظور رياضي – الدول العربية حالة للدراسة، المجلة الاقتصادية السعودية، العدد 17، 2004.
محمد أنس أبو الشامات، اتجاهات اقتصاد المعرفة في البلدان العربية، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد الأول،2012.
أمجد قاسم، مقال بعنوان اقتصاد المعرفة متطلباته ومميزاته وركائزه، منشور على موقع آفاق علمية وتربوية بتاريخ يناير 04- 2011، متاح على الرابط التالي:
http://al3loom.com/?p=105
أمجد قاسم، مقال بعنوان تعريف اقتصاد المعرفة وأهميته في تقدم المجتمعات، منشور على موقع آفاق علمية وتربوية بتاريخ مارس 29- 2011، متاح على الرابط التالي:
http://al3loom.com/?p=1180
ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ
ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.
اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.